الكتابة على مر العصور

الكتابـة علـى مـر العصـور 


الكتابة الأولى 

بدأ الناس الكتابة قبل أكثر من خمسة آلاف سنة حيث أنهم رسموا صورا مبسطة عن الأشياء التي أرادوا تسجيلها، وتدعى هذه الرسوم بالرموز الكتابية وكل رمز كتابي كان يعبر عن موضوع واحد أو فكرة واحدة، فعلى سبيل المثال فإن مجموعة من النجوم يمكن أن تعني "الليل" ، إن الشعوب الأولى التي كتبت بهذا الأسلوب هم السومريون في بلاد ما بين النهرين ( العراق حاليا )، وظلت رموزهم الأولى محفوظة على أختام من الحجر استخدمها السومريون لتحديد ممتلكاتهم، كما استخدموا الكتابة أيضا في حساباتهم، اخترعت العديد من الشعوب الأخرى التي عاشت في مناطق بعيدة كالصين ووادي الهندوس ( باكستان حاليا ) أساليب أخرى من الكتابة باستخدام الرموز الكتابية، ويمضي الوقت كتب الناس رموز الكتابية بصورة أسرع، ومن ثم بدأت الرموز تبدوا أسهل وأقل تعبيرا بالأشياء الحقيقية التي كانت ترمز أليها قبل حوالي أربعة آلاف عام مضت، اخترع السومريون أسلوبا في الكتابة على ألواح الطينية المبللة باستعمال الأقلام المصنوعة من القصب، ولكل قلم نهاية تشبه الوتد ويدعى هذا ب "السمة"، كان يتم تجفيف الألواح الطينية المبللة لتصبح ألواحا دائمة البقاء، سهل السومريون رموزهم الكتابية إلى أن أصبحت كتابة الإشارات أكثر سهولة وذلك بواسطة السمة.

الكتابة المصرية

اخترع المصريون قبل حوالي خمسة آلاف سنة نوعا من الكتابة عرفت باسم الهيروغليفية، وكانت الرموز الهيروغليفية تشبه الأشياء التي تمثلها، وتستخدم أيضا بعض الرموز  الخاصة لكتابة الأصوات، فعلى سبيل المثال، أن صورة الشفاه كانت تعني الفم والصوت "ر" يمكن لهذه الرموز الهيروغليفية أن تتحد لتشكيل كلمة، لقد ظل رسم الرموز الهيروغليفية بطيئا، لذا اخترع المصريون نظاما أسرع يدعى الكتابة الهيرية والتي كانت تكتب من اليمين إلى اليسار على عكس الهيروغليفية.

حجر الرشيد

حجر الرشيد لم يكن هناك وقبل بدايات القرن الثامن عشر من يعرف قراءة الرموز الهيروغليفية المصرية، وفي عام 1799 م وفي شمال مصر اكتشف الجنود الفرنسيون حجرا كتب عليه نفس النص بثلاث لغات قديمة هي الإغريقية والرموز الهيروغليفية والكتابة المحلية المصرية، واكتشف العالم الفرنسي جان فرانسوا شامبو ليون في عام 1824 م كيفية ترجمة الهيروغليفية باستعمال هذا الحجر، فقد كانت الأسماء الملكية في النص الإغريقي مع ما اعتقده بأنها أسماء الملكية في الهيروغليفية وبعدها تمكن من معرفة معاني الرموز الأخرى .

الرموز الصينية 

اخترع الصينيون كتابتهم الخاصة بهم قبل أربعة آلاف سنة مضت، بعض الرموز الصينية عبارة عن صور تشبه الأشياء التي تمثلها، أما الرموز الأخرى فهي تعمل كإشارات للأصوات، وهناك رموز أخرى تمثل شيئا أو فكرة، وهي مكونة من عدة أشكال لنقل موضوع أو فكرة ما، وهناك في المجموع أكثر من 50 ألف رمز صيني، وتستخدم آلاف قليلة منها في الحياة اليومية، وتكتب الصينية عادة بالفرشاة، وتتشكل الرموز بضربات متتابعة باستخدام أسلوب معين صار متكاملا ودقيقا خلال آلاف السنين، وتحتاج بعض الرموز إلى 26 ضربة مختلفة لكتابتها، لقد تغيرت الرموز الصينية قليلا منذ أن كتبت أول مرة وحتى عند ولادة اختراع جديد فان الاسم كان يكتب بواسطة تركيب الرموز الموجودة، فعلى سبيل المثال، تكتب كلمة  " سينما " في اللغة الصينية برموز " الكهرباء " و " الظل "، وبما أن اللغة الصينية لم تتغير إلا الشيء القليل، فلذا يستطيع الصينيون في الوقت الحاضر قراءة الكتابات القديمة دون صعوبة، وكتابات بعض الحضارات القديمة غير مقروءة البتة في عصرنا الحاضر.


الألفباء

الألف باء هي مجموعة من الحروف التي تستعمل لكتابة الكلمات، وفي الكتابات الأولية مثل الرموز المنفصلة أشياء أو أفكارا منفردة، وبدأت الألف باء التي استخلصت من هذه الرموز التي تشير إلى أصوات اللغة مسموعة، وتعتبر الألف باء أنظمة كتابية فعالة جدا لعدم حاجتها إلى رمز المنفرد لكل شيء من الأشياء، وقد كتب السومريون بما لا يقل عن 800 رمز من الرموز غير الالفبائية، وحروف الالفبائية غالبا ما تكون أقل من 30 حرفا، ومن المحتل اختراع الألفباء الأولى قبل 3600 سنة مضت في اوغاريت 
( سوريا حالية ) وفينيقيا ( ساحل سوريا وفلسطين )، حيث كانت لهذه الألفباء فقط للحروف الساكنة دون حروف العلة، كتب شعب أوغاريت 30 حرفا من الألفباء الخاصة بهم مستخدمين العلامات المسمارية، اخترع الفينيقيون أشكال 22 حرفا من الفبائهم، فعل سبيل المثال فإن حرف "L" وحرف "Q" الفينيقيان يشبهان نفس هذين الحرفين في ألفبائنا، وهذا ليس أمرا عجيبا فالفبائنا هي ذات الالفباء الرومانية المستعملة منذ ألفين عام، وقد نقل التجار الفينيقيون الفبائهم إلى الاتروريين، وأخذ الرومان نظام الكتابة الاترورية وحولوه إلى لغة خاصة بهم وترجع الكتابة العبرية في الأصل إلى نظام الكتابة الفينيقية. 

ورقة البردي

كان البردي مادة كتابة الأولى لدى المصريين القدامى، فالعديد من صحف البردي قد حفظت في رمال الصحراء لأكثر من خمسة آلاف سنة، وقد صنع المصريون أوراق البردي من لب نبتة البردي المقطعة إلى شرائح، وكان يتم ترتيب هذه الشرائح في طبقات والضغط عليها كي تصبح صحيفة منبسطة، إن الرطوبة الموجودة في اللب تساعد على اللصق الشرائح مع بعضها البعض، وعندما تصبح الصحيفة جافة يكتب عليها بالحبر، وعليه فقد أصبحت أوراق البردي بضاعة مهمة، وفي عام 150 قبل الميلاد كثر الطلب على ورق البردي ونظرا لقلة زراعته لم يكن من الإمكان مواجهة هذه الطلبات .

المخطوطة الرقية

تقول الأسطورة أن الملك ايومينيس لثاني ملك برغاموم ( عام 197-158 قبل الميلاد)، هو الذي اخترع الدباغة الورق عندما انخفض إنتاج الورق المصنوع من نبتة البردي، الرق هي مادة ناعمة وقوية خاصة للكتابة مصنوعة من جلد الحيوانات بعدد تنقيع جلود الحيوانات يتم نشر الجلود وحكها كي تصبح ناعمة، كان الرق مادة الكتابة الأكثر شهرة في الغرب حتى أصبح الورق متوفرا هنالك في السنوات القرن الثالث عشر، ولكن حتى في وقتنا الحاضر يتم في بعض الأحيان كتابة الوثائق المهمة على الرقوق التي تبقى لفترة طويلة.

الورق

لقد صنعت أول ورقة في الصين في حوالي عام 100 قبل الميلاد عن طريق تنقيع الليف، الأسمال أو ألياف الكتان في الماء لصنع عجينة، ومن ثم يتم تسوية هذه العجينة في صينية تحتوي على شبكة معدنية أو شبكة من الخيزران، وكان يزج الماء من خلال هذه الشبكة تاركا وراءه طبقة رقيقة من العجينة، ويتم الضغط على هذه الطبقة لإزالة الرطوبة المتبقية، للورق سطح ناعم يصلح لكتابة وقد استحسنه الصينيون كثيرا وابقوا على أساليب صناعته سرا من الأسرار لمدة 700 سنة، حتى تم إلقاء  القبض على البعض صانعي الورق الصينيين في سمرقند في أوزبكستان من قبل المسلمين، وأخيرا تعلم الأوروبيون فن صناعة الورق من المسلمين في بداية سنوات القرن الثالث عشر.

المخطوطات الزخرفة

قبل اختراع الطباعة كان يتوجب كتابة كل كتاب باليد وكان يدعى الشخص المنفذ لها بالكاتب، وكان معظم الكتاب في أوروبا الغربية هم من الرهبان الذين عملوا في غرفة خاصة في الدير سميث بغرفة الكتابة، وكان الراهب في هذه الغرفة يهيئ صفحة من الرق من خلال وضع او كتابة رؤوس السطور لتباين حدود امتداد خطوط النص بصورة الدقيقة ويترك فراغات من أجل الزخارف الملونة، وعندما كان ينتهي من كتابة الصفحة يقوم بتسليمها إلى راهب آخر، كان الراهب الثاني يقوم بتلوين الزخارف باستخدام الألوان الصارخة، أو رقائق الذهب في زخرفة الحروف الأولية الكبيرة، وكان في بعض الأحيان يرسم زخرفة حدودية حول الصفحة وهذا الأسلوب من زخرفة كان يدعى التذهيب، كان يتم أيضا إنتاج النصوص الغنية بالزخارف في الشرق الأقصى وفي الدول الإسلامية، ويشار إلى جميع الكتب المزينة والمزخرفة المكتوبة باليد والتي يتم إنتاجها حاليا باسم المخطوطات المزخرفة. 

الكتب المطبوعة

الصينيون هم أول من اخترع طريقة طباعة الكتب في حوالي عام 1000 بعد الميلاد، فقد استخدموا النماذج الخشبية ( قطع من الخشب محفورة بالرموز والإشارات الصينية)، كان الطباع يحفر قطعة الخشب بكلمات معكوسة من اليمين إلى اليسار، ومن ثم يتم غمس قطعة الخشب المحفورة بالحبر وتضغط على الورق فتقع صورة الكلمات بشكل واضح، وتمثل الفيفة المعروفة بالحكمة الألماسية الحاوية للحكم البوذية أقدم النصوص الباقية المطبوعة بالكليشة الخشبية، وحصلت الخطوة المهمة التالية في الطباعة في ألمانيا في منتصف القرن الخامس عشر، إذا اخترع الحداد اسمه جوهان غوتنبرغ 
( 1390-1468 م ) أسلوبا لإنتاج الحروف المعدنية الخاصة بطباعة، وكانت هذه الكلمات تدعى ( الحرف المطبعي )، حيث توضع الحروف المطبعية بصورة منفردة أو تجمعها في كلمات ومن ثم وضعها في مكبس للطباعة، ويمكن فصل الحروف أو إعادة استعمالها من جديد، كان لكتاب غوتنبرغ الأول نسخة لاتينية من النجيل تم طبعه في عام 1455م، واختراع غوتنبرغ هذا ساهم في إنتاج الكتب بسرعة وبشكل رخيص، وأصبحت معلومات حول العديد من المواضيع متاحة بصورة واسعة وأصبحت عملية تنضيد الحروف المطبعية في عام 1886 م عملية آلية عندما تم اختراع آلة تنضيد الحروف اللينوتيب التي تنضد سطرا كاملا من الحروف المطبعية مرة واحد.

الطابعات

وظفت المكاتب في بدايات القرن التاسع عشر، كتابا لكتابة السجلات يدويا، إلا أنه في عام 1867م سجل المخترع الأمريكي كريستوفر لاثام سولز براء اختراع أول طابعة، وهذا غير المكاتب، حيث حل محل الكتاب عدد أقل من الطابعات، كل مفتاح في الطابعة مربوط بجزء من الطابعة، والحرف تتشكل من سبائك معدنية، وتطبع الحروف على الورق من خلال شريط ذو حبر، وذلك بالضرب عليه عن طريق المفتاح، كان الهدف ترتيب المفاتيح هو إبقاء على سرعة الأصابع كاتب الطابعة حتى تتقلص مخاطر تعطل المفاتيح .

تنضيد الكلمات

اخترعت شركة " اي بي ام " الأمريكية في عام 1964 م منضد الكلمات الذي يخزن النص في ذاكرة كمبيوتر، بحيث يستطيع مؤشر الكمبيوتر تصحيح النص، ويتم عرض النص وتنقيحه على شاشة العارضة، ويمكن طباعة النص عندما تجري كافة التصحيحات آلة شركة " اي بي ام " خزنت الوثائق على أشرطة ممغنطة كي يتم الاستفادة منها مرة ثانية، إن الطابعات والعارضات المتطورة الحديثة التي تستعمل نظام الأقراص الطباعة تسهل كتابة وتنقيحها وتصحيحها في البيت وبواسطة كمبيوتر .



موسوعة تاريخ العالم 

نرجو أن ينال الموضوع إعجابكم 

حقوق النسخ محفوظة 
يرجى ذكر المصدر عند النسخ وشكرا 
الخيمة